حقوق العمال

تقرير | الحد الأدنى للأجور في مصر والعالم في ظل جائحة كورونا

تدخلت الدول أثناء أزمة كورونا لحماية الوظائف، وذلك بدفع أجور العاملين أو أجزاء منها. كما  وسعت قاعدة من يتلقون إعانة البطالة. حيث قدم 4.4 ملايين أمريكي طلبات للحصول على إعانة البطالة خلال أسبوع، مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد بسبب فيروس كورونا. وارتفع إجمالي طلبات الحصول على إعانة البطالة في أمريكا إلى 26,4 مليون طلبًا منذ منتصف شهر مارس حتى 24 أبريل 2020، ويمثّل هذا الرقم أكثر من 15 في المئة من مجموع اليد العاملة في الولايات المتحدة. وفي الأسبوع الأول من ديسمبر من نفس العام، ومع زيادة عدد الإصابات، زادت الطلبات المقدمة بأكثر من 800 ألف طلب. وفي أسبانيا، تم إحصاء ما يقرب من 300 ألف طلب إضافي لإعانة البطالة خلال شهر أبريل 2020. وبلغ حجم المساعدات العامة للعاطلين عن العمل “مستوى تاريخيًا” مع ارتفاعه بنسبة 137% تقريبًا في أبريل. وبلغت قيمة الإعانات التي قدمت إلى العاطلين عن العمل 4.5 مليارات يورو، أي بارتفاع بنسبة 207% عن ابريل العام السابق.

وتعدل الكثير من الدول حدها الأدنى للأجور بزيادته. وتشير منظمة العمل الدولية والمنظمات الدولية الأخرى إلى أن الحد الأدنى للأجور لا يعمل فقط علي حماية الفئات الضعيفة، وتقليل نسبة الفقر، بل أنه قد يكون جزءً من حل الركود الاقتصادي، كونه يضخ أموالًا في أيدي العاملين في أسفل سلم الأجور، فينفقونها بدورهم في شراء سلع وخدمات.

ولكن في مصر، ظل أصحاب الأعمال وممثليهم متصدين بقوه لإصدار حد أدنى للأجور كان مستحقًا منذ إصدار قانون العمل عام 2003. وفي النهاية، صدر بيان من وزارة التخطيط نهاية يونيو 2021، يحمل قرارًا بتحديد الحد الأدنى للأجور. وظل أصحاب الأعمال يرددون أنه استرشادي وغير ملزم. وقد سبق هذا إعلان حد أدنى ضئيل للأجور قيمته 400 جنيه سنة 2010، بعد أن حصل العمال على حكم محكمة بإلزام الحكومة بوضع حد أدنى للأجور. وكان العمال يطالبون حينها أن يكون الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه. ثم بعد الثورة مباشرة في 2011 أعلن المجلس القومي للأجور أنه رفع الحد الأدنى إلى 700 جنيه بدون صدور أي قرار أو قانون يؤكد ذلك.

 وعن الأسباب المعلنة لعدم الالتزام بإصدار الحد الأدنى للأجور،  يشير رئيس إحدي الغرف التجارية إلي وجود إشكاليات في إقرار زيادة أجور عمال القطاع الخاص، بسبب الركود في الأسواق و أزمة كورونا. ويروج نائب رئيس اتحاد العمال وعضو المجلس القومي للأجور لنفس الفكرة قائلاً ” كان هناك اقتراح منذ يناير 2020، بأن يكون الحد الأدنى للأجور حوالي 2000 جنيه، ولم تتم مناقشته و التوصل لقرار نهائي بخصوصة، نظراً للظروف التي تعرضت لها البلاد بسبب جائحة كورونا..”. 

ورغم صدور قرار إعادة تشكيل المجلس القومي للأجور، رقم 2659 لسنة 2020، إلا أن أول اجتماع افتراضي للمجلس كان في مايو 2021.  وبعد الحديث عن إصداره قرارًا بحد أدنى للأجور في القطاع الخاص قبل نهاية مايو، صرح رئيس الغرفة الصناعية ورئيس الاتحاد المصري للاستثمار، ونقيب المستثمرين الصناعيين وغيرهم بأن مبلغ 2400 جنيه المقرر كحد أدنى للعاملين في الحكومة، مطبق بالفعل في القطاع الخاص، حيث لا يوجد عامل يتقاضى أقل من هذا. وأنهم لا يمانعون في إصدار حد أدنى للأجور بتلك القيمة. وصدر بيان حكومي جاء فيه أنه تم الاتفاق على أن تدرس اللجان المشكلة المقترحات التي تمت مناقشتها، وعرضها على المجلس قبل نهاية شهر مايو 2021. وبعدها نوقش التصور النهائي لنسبة العلاوة الدورية وقيمة الحد الأدنى للأجور، إلا أن  ذلك القرار لم يصدر قبل نهاية يونيو.

وكان السيناريو الجاري منذ عام 2011 هو توالي الأخبار عن انعقاد المجلس وتشكيل اللجان انتظاراً لصدور قرار ، دون صدور أي قرار. ثم صدر أخيرًا بيان يتحدث عن قرار ، لا علم لنا بمدى إلزامية تطبيقه؟ ومن هذه الأخبار سالفة الذكر، خبر حول انعقاد جلسة في نوفمبر 2019، وأخرى في يناير 2020 لتحديد مستويات الأجور. وقيل أنهم استعرضوا التجارب الدولية في تطبيق الحد الأدنى للأجور لاختيار الأنسب لمصر، وناقشوا أيضاً موضوع البطالة. وأعلن وقتها رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن المقرر عقد جلسة في فبراير 2020 لاستكمال المناقشات متوقعاً التوصل لصيغة مبدئية وتصور للحد الأدنى. كما كشف بأن هناك مقترح داخل اللجنة بأن يكون الحد الأدنى 2000 جنيه ( 124 دولار وقتها) مثل الحد الحكومي، ولكن لم يصدر شئ. 

وعلى عكس ما سمعنا عن تأجيل إقرار الحد الأدنى للأجور بسبب جائحة كورونا، اعتبرت منظمة العمل الدولية مثلا أن الحد الأدنى للأجور وسيلة لتخفيف آثار الازمة الاقتصادية الناتجة عن كوفد-19، وأنها أحد الحلول التي تساعد على الخروج من الازمة. وفيما يلي، سنتطرق لدور الحد الأدنى للأجور في تخفيف آثار الأزمات الناجمة عن جائحة كورونا، كما سنتطرق للتطور التاريخي للحد الأدنى للأجور سواء في مصر أو العالم، و التعريفات الأساسية للأجور والحد الأدنى للأجور وكيفية حسابه. كما سنتعرض لتجارب الكثير من دول العالم في استخدامها للحد الأدنى للأجور سواء كان بسيطاً أو معقداً، مع استعراض فوائد الحد الأدنى للأجور بالنسبة للمستفيدين المباشرين منه، أو غيرهم من العاملين بأجر في القطاع المنظم أو القطاع غير المنظم. كما سنعرض لما جاء في الأدبيات والأوراق حول فوائده في تقليل التمييز في الأجور، وأثاره علي التشغيل وغيره. 

لتحميل التقرير 

ولقراءة التقرير