التعليم

تقرير | تطور كثافات الفصول في مصر: بين قلة الإنفاق وضعف الجودة التعليمية

مقدمة

انتشرت في السنين السابقة أخبارًا صحافية عن أول أيام الدراسة في المدارس الحكومية، والتي شملت مشاجرات بين أولياء الأمور وبين إدارات المدارس من أجل رغبة الآباء في الحصول على مقاعد أمامية لأبنائهم، بعيدًا عن الزحام والتكدس في الصفوف الأخيرة. وصل الأمر في أحد المحافظات إلى حجز المقاعد ”بالجنازير“ حتى يتمكن الطالب من الحفاظ على مكانه طوال الوقت، وتجد تلك المشكلة أصلها في قلة أعداد الفصول التي تتسبب بشكل مباشر في زيادة الكثافات الطلابية داخل الفصول. فهذه المسألة الخاصة بالكثافات الطلابية العالية وضعت أولوية تعمل عليها الحكومة في إستراتيجية التنمية المستدامة 30، الخاصة بالتعليم قبل الجامعي. وعلى الرغم من نشر الإستراتيجية والبدء في العمل بها من 15، لم يحدث الكثير على أرض الواقع للحد من المشكلة، فطبقًا للأرقام الرسمية، سجلت الكثافات الطلابية أعلى معدل في المدارس خلال الأعوام الدراسية السابقة، على سبيل المثال، في العام الدراسي 2018/2019 سجل المتوسط 45 طالبًا في الفصل الواحد على مستوى الجمهورية، بينما أعلنت تصريحات أخرى أن عدد الطلاب في بعض المدارس زاد على 100 طالب في الفصل الواحد. من هنا، تحاول هذه الورقة عرض وتحليل مدى تطور الكثافات الطلابية على مدار 14 عامًا سابقين، لترى كيف تغيرت، وكيف تغير في المقابل الإنفاق الحكومي على توفير فصول للطلاب. وأخيرًا نتساءل ما هي البدائل المطروحة كحلول لمعالجة أزمة الكثافات العالية، وهل هذه البدائل عادلة وشمولية أم غير منصفة؟

ما هي الكثافات وما علاقتها بجودة التعليم؟

إن المقصود بكثافة الفصول طبقًا لتعريف الهيئة العامة للتخطيط العمراني هو عدد التلاميذ في الفصل الواحد، ولا يتضمن هذا نصيب الطالب من الفصل (بالمتر المربع)، ويُعرف كذلك باسم الكثافة المكانية (Spatial density). تُحسب الكثافة الطلابية كما توضح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بقسمة إجمالي مجموع أعداد الطلاب على الفصل الواحد. ويُعتبر مؤشر الكثافات الطلابية من المؤشرات التي تملك تأثيرًا مزدوجًا في المدخلات والمخرجات التعليمية، وتؤثر الكثافات الطلابية على جودة التعليم للطلاب والمعلمين.

مثلًا، يُعد التحصيل العلمي للطلاب وسلوكهم وإجهادهم النفسي من أهم العوامل التي تتأثر بالكثافة، فمع ارتفاع الكثافات يصعب على الطلاب ضمان تحصيل علمي ملائم داخل الفصل، وتزيد الاضطرابات الاجتماعية والإجهاد النفسي الواقع على الطلبة. ويسري الأمر كذلك على المدرسين، إذ تشير الدراسات الأكاديمية إلى أن مهمة تقييم ومتابعة الطلاب والتركيز على أدائهم التحصيلي بطريقة فردية يستحيل تحقيقه في ظل كثافات طلابية عالية.

ولا يقتصر تأثير الكثافات العالية على على الطلاب والمعلمين فقط، وإنما تعد كذلك مسألة أساسية بالنسبة لبعض الأسر، وتصبح دافعًا قويًا لتغير نمط الحياة عند بعضهم. أوضحت بعض الدراسات لجوء الأسر إلى تغيير محال سكنهم والانتقال إلى مناطق أخرى أحيانًا، لوجود مدارس بها كثافات طلابية معتدلة من الممكن إلحاق أولادهم بها، والتي قد تكون  مدارس خاصة ذات رسوم مرتفعة تحتم على الأسرة إعادة جدولة وتحديد أولوياتها المالية للإنفاق على تعليم ذويهم.

لتحميل التقرير 

ولقراءة التقرير