مقدمة
في مطلع عام 2020 اجتاح العالم فيروس “كوفد 19” (كورونا)، ما أجبر جميع دول العالم على اتخاذ إجراءات وقائية مثل تطبيق التباعد الاجتماعي وإغلاق المدارس. وفي مصر اتبعت نفس الإجراءات أيضًا، فأغلقت المدارس، وأعلنت وزارة التعليم عن خطة لاستكمال المناهج من خلال التعلم عن بعد. وأنشئت عدة منصات إلكترونية؛ مثل المكتبة الرقمية ومنصة ادمودو، تجمع بين المعلمين والطلاب وأولياء الأمور. ومن خلالها تنشىء كل مدرسة منصة افتراضية للفصول تجمع بين المعلمين والطلاب لمتابعة دروسهم اليومية.
وأعلن الوزير – طارق شوقي – عن إغلاق “السناتر” الخصوصية بلا رجعة، كما جاء في تصريحه. وقبل ذلك بنحو عامين، وفي عرض الوزير لملامح نظام التعليم الجديد، كان قد صرح ايضًا بأن “الدروس الخصوصية ملهاش لازمة في النظام الجديد” . ومع تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي، أغلقت الحكومة جميع “السناتر” الخصوصية للحد من انتشار الفيروس. وطبقت الوزارة نظام الأبحاث على الطلاب ليكون بديلًا للامتحان. ورحب كثيرون بهذه الخطوة كطريقة جديدة تساعد الطلاب على البحث المعرفي. ولكنها كانت تحتاج إلى تدريب المعلمين على طرق ومهارات البحث في البداية، ثم تدريب الطلاب على ذلك. وهكذا، وقع الارتباك في الأسرة ولدى الطلاب بسبب هذه الخطوة. وهنا دخلت “السناتر” لتغطي فجوة إغلاقها، وتعوض خسائر الإغلاق. وانتشر بيع الأبحاث للطلاب، ووصل ثمن البحث لإلى مبلغ 200 جنيه مصري حسب رصد الصحافة.
وفي العام الثاني على أزمة “كوفد 19″، أعادت “السناتر” فتح أبوابها ثانية، ومارست نشاطها من جديد. وبما أن مشكلة “السناتر” هي الصورة الأكبر من حالة الدروس الخصوصية، فالأمر في حاجة إلى معالجة حقيقية وجذرية. وتبدأ هذه المعالجة بعودة دور المدرسة مرة أخرى. فعلى مدار عقود، أصبحت المدرسة مكانًا لتأدية الامتحان واستلام الشهادة. وستشكل استعادة دور المدرسة التربوي والتعليمي من جهة، وإعطاء المعلمين مرتبات متناسبة مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى، أساسًا تقوم عليه استعادة ثقة أولياء الأمور في النظام التعليمي المدرسي. ويجب الإشارة إلى أهمية التعليم لدى أسر الطبقة المتوسطة بشكل خاص، حيث تضع آمالًا كبيرة على حصول أبنائها على درجات عالية، تتيح لهم فرصة الالتحاق بالجامعات الحكومية. وترى في ذلك فرصة للارتقاء الاجتماعي، وتوفير وظيفة تساعدهم على العيش الكريم. ويوضح هذا عدم ارتياح الأهالي لتجريب النظام الجديد، واستمرارهم في إرسال أبنائهم إلى “السناتر”.
واستكمالا لما سبق، ننوه إلى أن عملية التطوير طويلة، وتحتاج لفك عقد متشابكة تراكمت عبر العقود السابقة. وتبدأ العملية بإعداد المعلم تربويا ومهنيا، وتحسين وضعه المادي. وبالتوازي مع ذلك، هناك أهمية لتطوير كليات التربية، لتخريج معلمين مؤهلين تربويًا وتعليميًا، والعمل على تطوير المناهج التعليمية. ويجب تغيير فكرة الامتحان كمقياس نهائي لمستوى الطلاب، مع اعتبار أهمية تعليم الطلاب التفكير والمهارات التعليمية المختلفة. ويجب التركيز أيضًا على التعليم الفني، وتغيير الصورة السيئة التي تطبع عادة على الملتحقين به في المجتمع، حيث ينظر إليهم باعتبارهم أصحاب الدرجات الأقل في الشهادة الإعدادية. وعادة ما يكون الملتحق بالتعليم الفني من الأسر الفقيرة التي لا تتحمل نفقات الثانوية العامة.
ويتناول هذا البحث محاولات وزارة التعليم عبر قرن تقريبًا، للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية. حيث أدى تفشي الظاهرة إلى فقدان دور المدرسة وتحويلها إلى مكان لأداء الامتحان واستلام الشهادة. الوضع الذي تفاقم مع فقدان ثقة الأسرة والطلاب في النظام الدراسي والمدرسة، وفي أي دور تحاول الوزارة إدخاله على النظام المدرسي أو أي محاولة لتحسينه، أو حث أولياء الأمور لعدم إرسال أبنائهم إلى “السناتر” الخصوصية. وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة شعور الأسر والطلاب بتغيير حقيقي في العملية التعليمية حتى تعود الثقة مرة أخرى.
ومن هنا ننتقل إلى إنفاق الأسرة المصرية على التعليم، وأهم البنود التي تستنزف طاقة الأسرة على الإنفاق، والفروق في الإنفاق على مستوى الريف والحضر. وكيف أن الفقر يفرغ نص الدستور الموجب للمساواة ومجانية التعليم من مضمونه. وبسبب تدني حالة التعليم وتكاليف الدروس الخصوصية العالية، يحدث التسرب من التعليم أو الالتحاق بالتعليم الفني.
ولبداية تحسين الحالة التعليمية، ننظر إلى المدرسين أو العمود الرئيسي في هذا القطاع، ونبين أوضاعهم المالية. هذا إلى جانب أوضاع المدارس الأكثر ترديًا كل عام، وارتفاع كثافة الطلاب في الفصول الذي يتخطى في بعض المناطق حاجز السبعين طالبًا.
ونتطرق لوضع المدارس وما تحتاجه مصر لتقليل الضغط على المدارس، التي تستخدم لأكثر من فترة في اليوم. وأخيرًا نتناول وضع “السناتر” في ظل الجائحة وحملات الإغلاق من قبل الدولة. والحلول التي عملت الدولة على تقديمها للحد من ظاهرة الدروس.
ولقراءة التقرير