مقدمة:
تتناول هذه الورقة التغييرات والتطورات الأخيرة التي شهدتها سياسات قطاع الإسكان والتنمية المحلية. ومن بينها قانون البناء الموحد الصادر في 2008، الذي مثل نقلة في المنظومة التشريعية للإسكان والتنمية. إذ أتى القانون بوصفه توحيدًا للتشريعات المتعلقة بالتخطيط العمراني والتنسيق الحضاري وتنظيم أعمال البناء. ولكن سرعان ما بدأ الحديث عن وجود ثغرات قانونية فيه، أو حتى تضمنه لتعديلات أثبتت عدم كفاءته وافتقاده القدرة على تحقيق الأثر المرجو منه.
ومنذ 2012، كانت وزارة الإسكان في الحكومة المصرية تُلوّح بضرورة إدخال تعديلات على هذا القانون، لمواجهة قضية “مخالفات البناء” التي أصبحت مصدرًا لقلق الدولة المصرية. فقد لوحظ في السنوات الأخيرة زيادة العشوائيات والتعديات على الأحوزة العمرانية وارتفاع المباني بدون تراخيص.
ويعني هذا أن القانون لم يشكل أي استثناء، ولم يحل المشكلات التي واجهت التشريعات السابقة عليه، حيث قُدرت أعمال البناء القائمة بدون ترخيص في الفترة ما بين 2008-2018 بنسبة 77% من إجمالي ماتم بنائه في هذه الفترة. وبينما يُقدر ما يبنى سنوياً بمليون وحدة، يمثل القطاع الخاص غير الرسمي ميها 749.191 وحدة، في حين يمثل القطاع العام 78.015 وحدة بنسبة 8%، والقطاع الخاص الرسمي 144.492 وحدة بنسبة 15%.
وعليه، أصبح قانون البناء الموحد 2008 محلًا للنقاش والمراجعة. ورغم ذلك لم تتخذ إجراءات جدية في هذا الصدد، سوى عام 2019. وفي هذا العام، أصدر مجلس النواب قانون رقم 17 لسنة 2019 بشأن التصالح في بعض مخالفات البناء، وتقنين أوضاعها، عبر آلية إصدار تراخيص لها بعد استيفائها شروط التصالح.
ولا تعد إجراءات التصالح آلية مستحدثة في حل قضية مخالفات البناء، بل كان “قانون التصالح” التاسع خلال نصف القرن الماضي. وفي نفس الإطار، يرى البعض أن مثل هذه القوانين الاستثنائية مؤشرًا على عدم واقعية قوانين البناء. بل أنها قد تكون سبباً في التجرؤ على مخالفة القوانين الرئيسية، على أمل التصالح فيما بعد، أو حتى بيع المباني المخالفة وتحويل المسئولية على الملاك الجدد، أو ما يعرف “بالكاحول”.
ولقراءة التقرير