أصوات من الميدان

التنمية والمشاريع الكبرى والتكلفة الاجتماعية – نظرة سريعة على 2020

مقدمة:

حول المشاريع الكبرى والتهجير بسبب التنمية

تحتاج التنمية إلى مجموعة متكاملة من السياسات المصممة لإحداث تغيير اجتماعي وتحسين جودة حياة المواطنين. كما يحتاج تنفيذ أي خطة تنموية إلى أصول ورأس مال وإدارة موارد. وتعد إدارة الموارد وإعادة التنظيم من السبل المهمة التي تستعين بها الحكومة في وضع خططها التنموية. ومن الضروري فهم هذه الخطط التنموية في سياق العمليات الاقتصادية الأكبر، إذ يمكن ذلك من تبين الأساس المنطقي لعمليات التحول، عن طريق التعرف على الدافع وراء زيادة القيمة الاقتصادية في مجالات بعينها[1]

وتحدث مثل تلك العمليات من التحول عبر زيادة الاستثمارات في المجالات التي يعتقد أن لديها إمكانيات اقتصادية في المستقبل، وبالتالي، عبر توجيه عمليات إعادة تشكيل المناطق الحضرية بإحداث تغيير جذري للأماكن [2]. و تتبدى في عملية التغيير الجذري للأماكن الطريقة التي يعيد بها أصحاب رؤوس المال تنظيم الموارد. وهكذا، تمثل إدارة الموارد جوهر العملية. وبوجه عام، لن تمثل إدارة الموارد مشكلة إذا وضعت التكلفة الاجتماعية في الاعتبار. ولكن في حالة بعض المشاريع الكبرى، التي ينظر إليها باعتبارها جزءًا من هدف إنمائي أكبر، يمكن أن تبدو التكلفة الاجتماعية عالية، خاصة في حالة تهجير المواطنين. وفي 2020، شاهدنا تركيزًا كثيفًا على مشاريع قومية كبرى في خطاب وممارسات الحكومة. 

وهناك أهمية كبيرة لإعادة إحياء حضارتنا القديمة، وبوجه خاص لتحريرها من الثبات عند ماضى بعينه، وفتح الإمكانيات أمامها للتحاور مع الحاضر. ويمكن خلق حوارات بين الماضي والحاضر بصورة لافتة للانتباه من خلال توسيع نطاق الاهتمام العام بتاريخنا الطويل [3]. ويركز الاتجاه الحالي على إعادة تطوير مناطق بعينها، باعتبار ذلك جزءًا أساسيًا من استراتيجية تنموية أوسع، تتم عبر إعادة تشكيل الفضاء الحضري. وداخل هذا الإطار يأتي التساؤل حول كيفية إشراك المواطنين المحليين في عمليات إعادة التشكيل هذه بدلًا من عزلهم عنها؟ فمثلًا، يعتبر هدف تنمية السياحة، المحلية أو العالمية، أمرًا مهمًا لزيادة الإيرادات الاقتصادية. ومع ذلك، لا يمكن رؤية إعادة التشكيل الحضري بمعزل عن تكلفته الاجتماعية. ولا يجب أيضًا إعادة إنتاجه عبر صيغة ثانية من التراث الثقافي. ومن الضروري أن تهتم الجهود المبذولة من أجل إعادة تشكيل المشهد، بإعطاء أولوية للأحياء الشعبية التي تشكل جزءًا أساسيًا من إعادة التشكيل، بدلاً من وضع أهداف وطنية على حساب هذه الأحياء.

وتبحث هذه الورقة في مشروعين من هذه المشاريع القومية الكبرى التي تركز على إحياء الحضارة المصرية، من خلال مصدرين من مصادرها الأساسية: نهر النيل والآثار المصرية القديمة. ويمكن اعتبار كل منهما أسلوبًا تعيد به الحكومة تنظيم الموارد الحالية لتعظيم استخدامها. وتستعرض هذه الورقة نمطين رئيسيين من تهجير المواطنين بسبب مشروعين قوميين كبيرين: أولهما مشروع “ممشى أهل مصر” الكبير، وهو مثال على إدارة الموارد المائية (نهر النيل)، والثاني مشروع “إحياء طريق الكباش”،  ويعد مثالًا على إدارة الآثار التاريخية.  وتسعى الورقة من خلال هذين النمطين إلى طرح تساؤلات حول العواقب الاجتماعية والمادية لهذه المشاريع الكبرى على السكان المحليين، وعما إذا كان التحسين المتوقع لهذه الأماكن يفوق هذه النتائج.

لتحميل التقرير 

ولقراءة التقرير