أصوات من الميدان

محافظة الجيزة: ماضيها وحاضرها إعادة التخطيط العمراني للمريوطية

منطقة المريوطية ليست مجرد موقعٍ في محافظة الجيزة فحسب، بل جزءً من الرؤية المستقبلية للتخطيط العمراني للجيزة في 2030. وحيث تعتبر المريوطية، بفعل موقعها، شريانًا واصلًا بين قلب مدينة الجيزة وهضبة الجيزة، فقد شكلت جزءً من التخطيط الرسمي للمدينة. 

وإذ تعد المريوطية مكانًا للسكن، إلا أن هناك خطة لتحويلها إلى منطقة سياحية. حيث ينظر للسياحة كإحدى قاطرات نمو الاقتصاد المصري الرئيسية. ورغم تقلب نسبة قطاع السياحة من الاقتصاد، إلا إنها تراوحت خلال الخمسة أعوام الماضية بين 9% و 15% من إجمالي الناتج المحلي. وحيث تعد السياحة مصدرًا مهمًا للدخل وتشغيل القوى العاملة، تلتزم الحكومة المصرية بالتحضر الذي تشاهده عين السائح ويوحى لها به (De Boeck, 2011, p.272). ويصور مخطط الجيزة 2030 “المدينة اللائقة” بالمستقبل، ويبشر بتجسيد كل من التراث والحداثة. وكما أُعلن في 2008، راعت الحكومة المصرية في خطة الجيزة 2030، توفير بنية تحتية جديدة من الطرق وشبكات النقل، للربط بين المدينة والأهرام.

مخطط الجيزة 2030

بفضل وجود هضبة الأهرام بالجيزة، أصبحت المدينة هدفًا تاريخيًا محوريًا في التخطيط العمراني. وقد اشتهر  الهرم الأكبر بالجيزة – هرم خوفو- بأنه “العجيبة الوحيدة الباقية من العالم القديم” (UNESCO, n.d). وأعلنت اليونسكو عام 1979، أن موقع منف الأثري الذي تبلغ مساحته 16.358.52 هيكتارًا، ومقابره المتضمنة أهرام الجيزة الثلاثة، أصبح موقعًا تراثيُا عالميًا لليونسكو. ورغم ذلك، فهذه العجيبة  معرضة لتأثير التوسع العمراني المعاصر. ووفقا لتقرير اليونسكو حول حالة حماية التراث عام 2019، تعتبر التجاوزات العمرانية والبنية التحتية من العوامل المؤثرة على المواقع التراثية.

ولم يأت تحديد الإطار التاريخي لهضبة الأهرام هكذا بلا هدف معين أو عفوًا، لكنه جزء من  خطاب سبق تصوره وخلقه، وأصبح مجسدًا في ممارسات التخطيط العمراني (Lefebvre, 1991). وتحتوي الخطة الاستراتيجية لرؤية الجيزة 2030، على مشروع لتطوير هضبة الهرم، معروضًا من خلال برنامج “بوربوينت” بواسطة 185 شريحة عرض (Mohamed, 2015). ومن وجهة نظر اليونسكو، يجب تركيز اهتمام هذا المشروع على إدارة تنظيم زيارة الموقع، والبنية التحتية للمواصلات، حيث تعرض وسائل النقل قيمة  الهضبة الأثرية للخطر. كما تعبر المنظمة عن قلقها إزاء التعديات العمرانية، من حيث استمرار مشروع التطوير العمراني دون مراعاة وجود منطقة عازلة بين الموقع الأثري ومدينة الجيزة الراهنة  (UNESCO, 2019)

وفي رؤية الجيزة 2030، وصفت “مدينة الجيزة القديمة”، كما أطلق عليها، بالمكان المتسم “بالأسرار” و”السحر” (Cube Consultants). وخصصت هضبة الجيزة في هذه الخطة لتكون “مركزًا جاذبًا”. وارتبطت “الجاذبية” مع “غموض” كيفية وضع الهرم الأكبر في مركز العالم كله، في حين أنه على رأس مثلث الدلتا، على اتصال مع الكون بأسره. ويمكن التعرف على “سحر المكان” من خلال الصور بشكل أفضل مما قد تقدمه  الكلمات (Cube Consultants, 2011).

ومن قراءة فكرة هايدجر Heidegger عن “صورة العالم”، يتضح أن السحر ليس في “صورة ملتقطة للعالم” ولكنه يكمن في “العالم المتصور والمستوعب بوصفه صورة” (1997، ص 81). وبهذا المعنى، تكتسب تلك الصور خاصة أن تكون ساحرة؛ بقدر ما تعمل بوصفها تخييلًا. ويصبح من السهل قراءة هذه الخاصية البصرية الساحرة القوية للهضبة باعتبارها.

لتحميل التقرير 

ولقراءة التقرير