راصد الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية والعمالية

تقرير | الإصلاح الاقتصادي تحت الاختبار: الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية في ٢٠١٩

الإصلاح الاقتصادي تحت الاختبار: الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية في ٢٠١٩

مقدمة

في أثناء تغطية حصاد عام  2019، انقسمت وسائل الإعلام الليبرالية والمؤيدة للحكومة بشأن اعتبار عام 2019 ”عام العدالة الاجتماعية في مصر“ أو ”عام حصاد ثمار الإصلاحات الاقتصادية.“

حاول أصحاب الاسم الأول تبرير إجراءات خفض دعم الوقود الأخيرة، التي تعتبر جزءًا من التزام الحكومة إزاء تخفيض الدعم وفقًا لخطة الإصلاح المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، من أجل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، ويدعي مؤيدو هذه الإجراءات أن خفض الدعم كليًا سيساعد في إعادة توزيعه كي يصل إلى مستحقيه، أي ”المواطنين الذين يستخدمون البطاقات التموينية وأصحاب الحد الأدنى من الأجور الذي ارتفع من 1200 إلى 2000 جنيهًا مصريًا.“

أما من استخدموا ”حصاد ثمار الإصلاحات الاقتصادية“ عنوانًا للعام فيرون أن مصر كانت قادرة على تمهيد الطريق للتنمية والرفاهية بإصلاحاتها السياسية والاقتصادية، من خلال المشروعات القومية الجديدة في جميع أنحاء الدولة، ويذكرون أرقامًا ضخمة، أصبحت مؤخرًا مفضلة لدى الحكومة التي تعيد استخدامها ونشرها، مثل تخفيض عجز الموازنة من 11.4% في 2014/2015 إلى 8.4% في 2019، وزيادة معدل النمو إلى 5.6%.

ويظهر التقرير المذكور في الفقرة الأولى أن روايات الدولة بشأن الاقتصاد والعدالة الاجتماعية تركز على مؤشرات الاقتصاد الكلي المنتقاة، وتُستخدم لخدمة الأجندة السياسية، مثل تبرير إجراءات التقشف، ومطالبة الشعب بالتحلي بالصبر، أو الثناء على القيادة السياسية، وفي وسط التضييق على المعارضة المستقلة والقنوات البديلة لحرية التعبير والإعلام والأحزاب السياسية وأنواع أخرى للمشاركة الاجتماعية، تأتي روايات الدولة دون منازعة وبدون دراسة.

وعلى الرغم من هذه التقارير الإيجابية ووعود الرفاهية والتنمية والأرقام الواعدة، فإن هناك حالة استياء عامة، تظهر في صورة احتجاجات وشكاوى وتظاهرات ينظمها مدنيين في الشارع المصري أو عبر الوسائط الإلكترونية. فبسبب قمع طرق التعبير المختلفة عن الرأي، اضطر آلاف المصريين للتعبير عن مواقفهم عبر الإنترنت، ومع عدم الثقة المتزايد في وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، نجد أن الحراك والقدرة على إثارة الرأي العام تظهران غالبًا على الإنترنت، لا في الشارع.

أبرز أمثلة ذلك مقاطع الفيديو التي نشرها الممثل والمقاول المصري محمد علي على مواقع التواصل الاجتماعي، متهمًا مسؤولين في الدولة بالفساد والمحسوبية، ومطالبًا المصريين بالمشاركة فيما يسمى بمظاهرات 20 سبتمبر، والتي هزت الصورة المستقرة التي اجتهدت الحكومة لرسمها بشتى الوسائل. يسعى التقرير الحالي إلى شرح انعكاسات هذه الاحتجاجات، والبحث في ما إذا كان لها أهمية لاحقة أم لا.

وإجمالًا، استطاعت منصة العدالة الاجتماعية توثيق 2,792 احتجاجًا في 2019، تندرج تحت ثلاثة أنواع مختلفة من الاحتجاجات (اجتماعية وعمالية واقتصادية، انظر الشكل رقم 1). تصدرت الاحتجاجات الاجتماعية هذه الأنواع الثلاثة في 2019 بواقع 2,430 احتجاجًا (بنسبة 87.03% من إجمالي الاحتجاجات)، واحتلت الاحتجاجات العمالية المركز الثاني (193 احتجاجًا، 6.91%)، وأتت الاحتجاجات الاقتصادية في المركز الثالث والأخير (169، 6.05%). سيدرس التقرير كل فئة على حدة، في محاولة لتحليلها من جهة الانتشار الجغرافي والتوقيت وطبيعة المتظاهرين.

واجه فريق البحث بمنصة العدالة الاجتماعية هذا العام القيود نفسها التي واجهها في 2018، والمتمثلة في صعوبة الوصول إلى معلومات خاصة بالنشاط الاحتجاجي. وعلى الرغم من المساعي المستمرة لجمع معلومات وبيانات بشأن الاحتجاجات اليومية، يعتمد التقرير في المقام الأول على التقارير الإعلامية من مجموعة من الوسائل الإعلامية المختلفة، منها الحكومية والمستقلة والخاصة، بالإضافة إلى الوسائل الإعلامية المؤيدة للدولة والحزبية، والتي لاحظنا فيها اتجاهًا متناميًا نحو تجاهل الاحتجاجات حتى تصدر أي هيئة حكومية بيانًا رسميًا بشأنها.

واجه الفريق كذلك مشكلة حجب الحكومة المصرية للكثير والكثير من المواقع الالكترونية، وبعضها محجوب لكونها مصدرًا للمعلومات المتعلقة بالاحتجاجات. شنت السلطات كذلك هجمات على مقار بعض هذه المواقع، وهددت آخرين، ولذلك لا نزعم أننا استطعنا جمع كل الاحتجاجات التي وقعت في 2019، والتي ستكون بالتأكيد أعلى بكثير من تلك المرصودة في التقرير.

يقدم هذا التقرير إذن البيانات السنوية التي جُمعت عن الاحتجاجات العمالية والاقتصادية والاجتماعية التي وقعت في أي وقت من 2019، بهدف توفير قاعدة بيانات وتحليل أولي للاحتجاجات في مصر، وإتاحتها للجمهور والباحثين والصحافيين والطلاب والمهتمين، على أمل في المزيد من المشاركة العامة وسط اتجاه يتزايد لرفض وتقويض أي نوع من المعارضة في المجال العام في مصر.

 

لتحميل التقرير

ولقراءة التقرير