حقوق العمال

بمناسبة عيد العمال- لتحقيق استراتيجية مصر 2030 لابد من خلق فرص عمل للنساء المعيلات تتوفر فيها شروط العمل اللائق

يأتي عيد العمال بينما تزداد معاناة العمال من نقص فرص العمل اللائق، وخاصة بالنسبة للنساء منهم. ونيتجة لهذا يلجأن إلى الأعمال غير المنتظمة، فيصبحن محرومات من التأمين الاجتماعي والصحي والأجر العادل. كما يضطررن كذلك إلى العمل لساعات طويلة.

وكانت قسوة شروط العمل من الأسباب التي أدت لاحتجاج النقابات والمجموعات العمالية منذ أكثر من قرن ونصف، وحتى الآن.

ومن المعروف إنه على مر السنين، دفع عدد من العمال حياتهم ثمناً لتحقيق مطالب مثل العمل لائق، والأجر العادل، وساعات العمل الأقل، وبيئة العمل الصحية. وارتبط عيد العمال في  1 مايو بالموعد الذي حدد لتطبيق حق ألا تزيد ساعات العمل عن ثمانية.

ولهذا السبب نقدم بمناسبة عيد العمال هذا العام ورقة عن المرأة المعيلة. وتظهر فيها بجلاء صعوبة مشاكل عمل المرأة، التي تصل إلى عدم قدرتها على إيجاد عمل ينتشلها وعائلتها من براثن الفقر.

وإذا سلمنا بالمفهوم الذي تتبناه الدولة رسميًا في تعريف المرأة المعيلة، يلاحظ أن حجم معاناة الأسر التي تعولها نساء من الفقر يبلغ أضعاف نظيره في حالة الأسر التي يعولها رجال. وهذا ناهينا عن قصور هذا المفهوم،  إذ يقلل حجم إعالة المرأة للأسر عن ما هو عليه في الواقع.

 ووفقاً لآخر إحصاءات نسب الفقر طبقاً للنوع الاجتماعي في بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك عام 2018/2019، تعيش نسبة  تزيد عن 16% من الأسر التي ترأسها امرأة تحت خط الفقر المدقع، و 41.4 % تحت خط الفقر القومي، بينما كانت النسب المناظرة في حالة الرجال 1.9%، 17.1% على التوالي.

كما تعاني الأسر التي تعولها نساء من التمييز في الدخل، حيث يمثل متوسط إجمالي دخل الأسر التي ترأسها امرأة 77% من متوسط دخل الأسر التي يرأسها رجل. ويفسر هذا جزئيًا اعتماد الأسر التي تعولها نساء على دخل يأتي أكثر من نصفه عن طريق التحويلات الجارية (نقدية و سلعية)، بينما لا يمثل الدخل من العمل 32% فقط من إجمالي هذا الدخل.

والمسألة المهمة التي لابد من أخذها في الاعتبار، أن ما يقرب من 80% من النساء عائلات الأسر خارج نطاق العمل بالكامل، وأن العاملات بأجر نقدي منهن 10.6% فقط. ولهذا تعتمد الأسر التي يعلنها – خاصة التي لا تملك مال أو ممتلكات تعينها علي المعيشة- على التحويلات أساسًا، وهي بطبيعتها بطيئة. 

كما تلجأ تلك الأسر نتيجة لذلك إلى إرسال أبنائها وبناتها إلى سوق العمل غير المنتظم في سن مبكرة، مما يؤدي إلى حرمانهم من التعليم، أو تنمية أي مهارة تخرجهم في المستقبل من دائرة الفقر.

ويشير كل ذلك إلى أن الحل لتحسين أوضاع الأسر التي تعولها نساء، وانتشالها من براثن الفقر هو في توفير العمل اللائق. 

وأدرج تحسين أوضاع النساء المعيلات ضمن أهداف استراتيجية التنمية المستدامة 2030. واعتبرت الاستراتيجية أن المؤشر على تحقيق ذلك يتمثل في تقليل نسب فقر المرأة المعيلة، حتى تصل إلى الصفر عام 2030. 

ومن هنا، يتطلب تنفيذ الاستراتيجية وضع خطط لتدريب النساء بشكل عام، والنساء المعيلات بشكل خاص، وتمكينهن من فرص عمل يتمتعن فيها بشروط عمل لائقة، وأجور تكفيهن وأسرهن للعيش بشكل لائق. كما ينبغي توفير عقود عمل تضمن لهن كافة حقوقهن بما فيها حقهن في التأمين الاجتماعي والصحي.