العدالة الاقتصادية

عداد الديون ٢٠٢١: نظرة على الديون الخارجية

مقدمة

تكررت على مصر أزمات الديون الخارجية التي كلفتها كثيرًا. ومن الأمثلة عليها أزمة النصف الثاني من القرن التاسع عشر، التي نتج عنها في النهاية احتلال البلاد  لضمان سداد القروض المتراكمة لصالح بريطانيا وفرنسا وايطاليا والنمسا. وتبع تلك الأزمة عزوف عن الاقتراض الخارجي، فظلت نسبته منخفضة نسبياً حتى سبعينات وثمانينات القرن العشرين. ثم شهد القرن نفسه ارتفاعًا في نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي، لتقفز إلى قرابة 22% عام 1970، ولأكثر من 130% عام 1988. وفي الفترة نفسها، نمت ديون مصر الخارجية بأكثر من 44 مليار دولار، من 1.8 مليار دولار في 1970 لأكثر من 46 مليار دولار في 1988. وأدى هذا التوسع في الاستدانة الخارجية، مع نمو عجز الميزان الجاري، إلى أزمة ديون في مصر أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات. وحيث فقدت الحكومة قدرتها على تسديد الديون الخارجية، فقد لجأت إلى حزمة إنقاذ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي. هذا علاوة على إعادة جدولة ديون نادي باريس والتغاضي عن  بعضها (حوالي ربع ديون مصر الخارجية في عام 1989). وفي هذه الأزمة، اضطرت مصر لتطبيق برنامج إعادة هيكلة اقتصادية صارم بإشراف الجهات المانحة. وتضمن البرنامج إجراءات تقشفية، وعرض شركات القطاع العام للخصخصة، والحد من دعم المزارعين. وبعد الأزمة، حرصت حكومات مبارك المتتالية على تمويل عجزها عن طريق الديون الداخلية، وتخفيض اعتمادها على المديونية الخارجية، ومحاولة تجاوز أزماتها. 

ومنذ 2013، بدأ ارتفاع الديون الخارجية، خصوصاً مع أزمة قطاع السياحة وضعف النقد الأجنبي. وتزامن  ذلك مع اقتراحات طلب حزمة إنقاذ من البنك الدولي والمؤسسات الدولية. ولاقت تلك الاقتراحات رفضاَ شعبياً كبيراً، حيث كانت ذكرى أزمة التسعينات لا تزال حاضرة في الذهن الجمعي. وفي 2016، توصلت الحكومة أخيرًا إلى اتفاق على حزمة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والشركاء الدوليين، تضمنت إجراءات تقشفية مثل رفع الدعم عن الوقود والخدمات ووقف التعيين في وزارات مختلفة. ولكن على عكس الازمة السابقة، لم تحظ مصر هذه المرة بإسقاط أي من الديون كما حدث في السابق. وأدت حزمة الإنقاذ إلى إثقال كاهل الحكومة بمديونية أكبر، باعتبار أن إجراءات الإصلاح، خاصة تعويم الجنيه، ستحسن الميزان التجاري ودخل مصر من العملة الصعبة.

لتحميل التقرير 

ولقراءة التقرير