أصوات من الميدان

لم يتبق للمرأة في غزة من ألوان الطيف سوى الأحمر القاني

يخرجون جميعًا من منازلهم حاملين مفاتيحها، على أمل العودة. غير أن الأبواب لم تعد هناك، بعد تحول المنازل إلى ركام أسود. فلا أثر للبيت، ولا الملابس البهية التي جهزتها نور لعرسها. تسوى بيت الزوجية  بالأرض قبل أن تدخله مع عريسها خالد. دمرت قاعة الأفراح التي كانت ستزف منها إلى بيتها الجديد. احترق المتجر بفساتينه وبينها فستان فرحها. وأصبح أغلب المدعوين للفرح من الأهل والأصدقاء والجيران شهداءًا، حتى صديقتها المصورة مع كامل أسرتها. كان حبيبها يعمل بمستشفى الشفاء، لكنها فقدت الاتصال به فترة من الزمن بعد حصار الاحتلال الوحشي  للمستشفى بالكامل. فجلست أمام التلفاز لتتقصى أي أخبار عنه. تقول نور “تنهار كل القوة التي كنت أدعي امتلاكها في النهار، تذوب في العتمة، لتكشف عن قلب صغير ضعيف خائف لا يحتمل الحزن”. وتضيف “كنت أرى كل الألوان وأميزها  من قبل، الآن أصبحت لا أرى إلا الرمادي في الركام، والأبيض في الأكفان، والأحمر القاني في كل مكان”

هذا حال غزة بعد العدوان التدميري للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، المدعوم من النظام الدولي، مع صمت شبه مطلق من الأنظمة العربية، إذا استثنينا بيانات الإدانة والدعوات الصادرة هنا أو هناك في وجل. تقف عند الدعوة لوقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعب فلسطين الصامد. حتى أننا نسمع دعوة لزيادة المساعدات الغذائية المسموح بدخولها، من جار يغلق معبرًا وحيدًا إلى غزة، يفترض ألا يكون لإسرائيل تحكمًا فيه .

معاناة مضاعفة تتعرض لها النساء

كل ذلك يعانيه فلسطينيو غزة، إلا أن معاناة النساء في هذا الوضع مضاعفة. فبالإضافة لتعرضهن للقتل والإصابات الخطيرة، وفقدان الأحباء بما فيهم أطفالهن الرضع، والتهجير وترك بيوتهن وراءهن، وبها كل ما امتلكن، أو امتلكت عائلاتهن، قبل ضياع المنازل بكاملها لتفجيرها، تعاني الغزاويات من الجوع، في ظل عجزهن عن توفير أي مصدر لإطعام أبنائهن.

وعن مشاكل الحمل والولادة في ظل النزوح والمجازر الإسرائيلية حدث ولا حرج. قالت آلاء العايدي “أجبرتني الحرب على الولادة داخل خيمة قريبة من أحد مراكز الإيواء، وفقدتُ طفلي بعد أيام بسبب الظروف غير الصحية التي مررت بها، وكدت ألحقه”. وحكت آيه عن معاناتها، حيث اضطرت في أيام حملها الأخيرة للنزوح من شمال غزة إلى جنوبها. وسارت مسافات طويلة على قدميها. وأضافت أنها قبل الحرب، كانت متشوقة لكل تفاصيل ولادة طفلها الأول، وجهزت كل شئ. ثم  حرمتها الحرب من استقبال المولود وفق حلمها به.

في ظل اضطرار النساء للولادة بالمنازل ومراكز الإيواء، في غياب الأساسيات الضرورية لعملية الولادة، وأبسطها النظافة، تعرّضت الأمهات وأجنتهن لمخاطر كثيرة، منها النزيف الحاد، وحمى النفاس، والالتهابات والعدوى بالأمراض الفيروسية والبكتيرية، التي زاد معدل إصابة الأم والطفل بها، وأدت لوفاة حالات كثيرة. وتبين أخصائية الولادة سعدية بركات ، أن معدل الإجهاض ارتفع بنحو 20%.

إذلال النساء لإبطال مقاومتهن أو الضغط على ذويهن

لم يكف الاحتلال الصهيوني يوماً عن تعمد محاولات إذلال النساء، سواء عند الحواجز في الضفة الغربية، أو داخل الأراضي المحتلة نفسها، أو في المعتقلات. إلا أن جرائمه الانتقامية زدات وحشيتها ضد الفلسطينيين عمومًا، والغزاويين خصوصًا، أو ضد النساء.

ومنذ طوفان الأقصى، توسعت إسرائيل في الاعتقالات حتى بما يفوق طاقة سجونها. وكثفت استخدامها لأدوات الانتهاك والتنكيل بالأسرى والأسيرات. فقد تعرضت الأسيرات الفلسطينيات للتهديد بالاغتصاب، والتفتيش العاري المهين، وحتى التفتيش العاري الجماعي لعدد منهن بهدف الإذلال، والتحريض الجنسي اللفظي. واستخدمت السلطات الدورة الشهرية وسيلةً للضغط الجسدي والنفسي على الأسيرات، بحرمانهن من الفوط الصحية، والملابس اللازمة للتغيير، واستعمال الحمام. كما استخدمت انتهاك الخصوصية، والتصوير القسري للمحجبات بدون حجاب، وتداول الجنود والمحققين لصورهن على الهواتف الشخصية. ووفقًا لما رويّ عن تجربة إحدى المعتقلات، التي تبلغ من العمر 15 سنة، “كانت تجلس على الكرسي في المحكمة، وقد بدا عليها الخوف، وبدأت يداها ترتجفان نتيجة نزول الدم فجأة أثناء جلوسها، وعندما وقفت وجد المحامي الموكل للدفاع عنها ملابسها متسخة بالدماء”.

وتتعرض النساء إلى تعذيب وحشي لحظة إعتقالهن، وتترك الكلاب البوليسية تنهش أجسادهن. كما تتعرض المعتقلات الفلسطينيات في السجون الاسرائيلية إلي التحرش الجنسي، حيث تعرضت سيدتان علي الأقل للاغتصاب، وفقاً لجميل سرحان، مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة. كما أضاف أن هناك ممارسة للتعذيب الممنهج والمدروس والعنيف على كل المعتقلين،  خصوصًا النساء لمجرد كونهن من غزة، حيث يُضربن بشدة، ويُفتشن عراة، وهي أمور مذلة فيها مساس بالكرامة.

وأكد هذا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، حيث صرح بأنه تلقى شهادات جديدة عن تعرض معتقلين فلسطينيين من قطاع غزة – بمن فيهم نساء وأطفال – لعمليات تعذيب قاسية ومعاملة تحط بالكرامة الإنسانية، بما في ذلك التعرية والتحرش الجنسي أو التهديد به. وذكر عدد من المفرج عنهم أنهم ضربوا بشكل وحشي وانتقامي، وأطلقت الكلاب عليهم، وشبحوا[1] لساعات طويلة. و جردوا من ملابسهم بالكامل، وحرموا من الطعام والذهاب لدورات المياه. وذكرت معتقلة أنهم فتشوها بأيديهم، وسألوها عن حماس والأنفاق. وأجبروها على خلع ملابسها. وكان هناك جنود ينظرون ويعلقون تعليقات خادشة. وتضيف أنها خضعت للتحقيق عدة مرات، وقبل كل مرة، كانت المجندات يعرينها ويضعن أيديهن على جسدها، ويتحرشن بها، في وجود جنود ينظرون ويشتمون، كما هددت بهتك العرض.

دور المرأة الفلسطينية في المقاومة

في مواجهة الإحباط والتهميش والتجريح الإهانات، تستطيع المرأة الفلسطينية المقاومة بالكفاح والرضا والقدرة على التحمل، وقبل كل ذلك بقوة الإرادة والإيمان.

وتبدأ معاناة “سلام” مع فقد الزوج الذي يمثل الأمان والسند، بارتقائه برصاص الاحتلال، وعودته إليها مضرجاً بدمائه، وتشبثه بها كأنها تملك نجدته، قائلاً لها “سلام، الأولاد أمانة برقبتك”. فتجد نفسها فجأة، بعد اعتمادها عليه في كل شيء، حتى في الخروج من البيت، في وحدة تامة مع مسئولية أطفالها التي ألقيت على عاتقها، حيث تحولت لهم الأمان والأب والأم.ويمثل عدم نسيان ما حدث أحد وسائل المقاومة. وكما تقول نجاح، فهي لم تتوقف يوماً عن تخيل زوجها خالد – المستشهد برصاص الاحتلال في البلدة القديمة، يدق جرس المنزل، يدخل ليطبطب على أطفاله، ويبدد عنها وحشة الليل والخوف والوحدة.

 وتقول  ديما، 11 سنة، التي فقدت أمها وأبيها وأخويها وأختها: “لن أنسى ولن أغفر لإسرائيل ما فعلته بنا.. سأبقى أسأل نفسي لماذا فعلوا بنا ذلك؟… لماذا أخذوا مني أمي”.

وتحاول كل من الفلسطينيات المقاومة بطريقتها، حسب موقعها إما في الداخل أو الخارج. كما تتلقين العقاب على تلك المقاومة حسب مكانهن أيضاً.

ولاحقت المؤسسات الإسرائيلية الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة، من الناصرة، على خلفية منشور نصّه “لا غالب إلا الله”، نُشر على حسابها بموقع فيسبوك بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة. إذ فسّرتها الشرطة الإسرائيلية على أنها عبارة “تحريضية”. وقالت دلال بعد اعتقالها الذي استمر ثلاثة أيام “حاولوا تجريدي من إنسانيتي، وإسكات صوتي وإذلالي بكل الطرق. شتموني وكبلوا يدي وساقي بالقيود، لكنهم بهذا جعلوني أكثر شموخا وعزة.. سيبقى صوتي رسولًا للحب مدافعا عن الحق في هذه الدنيا”. وبعد الإفراج عنها وعودتها لمنزلها، قوبلت بمظاهرة للمستوطنين وعناصر اليمين المتطرف، حيث سبوها بأنها إرهابية، وطالبوا بطردها. وتكرر ذلك بعدها مرارًا. وعندما طالبت محاميتها بحمايتها ومنع المظاهرات أمام بيتها، رفضت الشرطة الاسرائيلية ذلك بذريعة أن المظاهرات تأتي في سياق حرية التعبير.

واعتُقلت كذلك دينا خوري، من مدينة حيفا في الداخل المحتل، بحجة التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي في 11 أكتوبر 2023. ونقلوها إلى مركز شرطة قريب، حيث ابقوها مقيدة اليدين والقدمين. ثم جاء محقق وقال للشرطي : “افتح الخزانة وحط راسها فيها عشان نجيب شبابنا يغتصبوها”، وهددوها بالقتل و إطلاق رصاصة على رأسها. ونقلت لسجن الشارون في غرفة ضيقة، لا يوجد بها شيء. نوافذها العالية، عبارة عن قضبان حديدية مفتوحة بدون زجاج أو بلاستيك، يدخل منها هواء بارد جداً. وكانت الغرفة مليئة بالبق، وأرضيتها غارقة بالمياه القذرة. وكانت جميع الغرف مكتظة، بها فرشات رقيقة جدًا. وقالت دينا كنا “نتعرض بشكل دائم للتفتيش العاري، نكاد نموت من البرد و الجوع، لا توجد ملابس ولا حتى صابون للاستحمام، الفورة [التريض] ممنوعة، والأكل سيء للغاية”. وبعد سبعة أيام، نقلت لسجن الدامون – وبه 60 أسيرة. وهناك، أصيبت بنوبة تشنج وفقدان للوعي. وعندما عرضت على الطبيبة نصحتها بشرب الماء.

فدائيات في نضال التحرير الفلسطيني قبل أوسلو

وفي الوقت الذي تعتقل فيه النساء الآن لمجرد إشارة على الفيس بوك إلى المجزرة في غزة، إلا أنهن كن قبل اتفاقية أوسلوا جزءً من المقاومة المسلحة ضد المحتل. ويكفي سجلهن في العمل الفدائي لغمرهن بكل مجد واعتزاز ويفيض. ويحق لهن مواجهة أي محاولة لقهرهن وإذلالهن استنادًا على هذا السجل، الذي يفتخر به جميع الفلسطينيين.

قالت ليلى خالد، عضو الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إن المرأة الفلسطينية جزء لا يتجزأ من نضال الشعب الفلسطيني. وبعد 1967، عندما بدأ نضال الفدائيين، كانت النساء في معسكرات التدريب داخل فلسطين وخارجها. و قالت ليلى عن العملية الفدائية التي نفذتها “في 1969، كُلفت وزميلي سليم العيساوي بمهمة اختطاف طائرة أمريكية ذاهبة إلى تل أبيب، ركبناها من روما واتجهنا بها إلى سماء فلسطين، وجعلناها تهبط في سوريا”. وكان هدف العملية إطلاق سراح المعتقلين في السجون الإسرائيلية. وكانوا حينها نحو ثلاثة آلاف، ضمنهم نساء حكم عليهن بسبب عملهن المسلح.

ولم تنفرد ليلى خالد في سجل المقاومة المسلحة، بل فعلت ذلك الكثيرات. فكانت دلال المغربي رمزاً آخرًا للمقاومة النسائية المسلحة. إذ كانت قائدة مجموعة مكونة من عشرة فدائيين، عرفت باسم ” دير ياسين”، وكانت المجموعة التي نفذت عملية كمال عدوان عام 1978. ونجحت المجموعة في الوصول لتل أبيب، والاستيلاء على حافلة جنود إسرائيليين بكل جنودها. واشتبكت مع عناصر إسرائيلية أخرى خارج الحافلة. أوقعت العملية مئات من القتلى والجرحى الإسرائيليين، واستشهدت فيها دلال ومجموعتها من الفدائيين.

وكانت زكية شموط، أول فدائية فلسطينية تنفذ عمليات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. إذ نفذت سبع عمليات في نهاية الستينات وبداية السبعينات. وكانت أول أسيرة فلسطينية تنجب مولودها داخل سجون الاحتلال، في 1972، بعد حكم المحكمة العسكرية الإسرائيلية بسجنها 12 مؤبداً (1188 سنة). كما حكم على زوجها بالسجن مدى الحياة. وشاركت المناضلة شادية أبو غزالة في عديد من العمليات الفدائية ضد الاحتلال. واستشهدت أثناء إعدادها قنبلة في منزلها لتفجير عمارة إسرائيلية في تل أبيب في 1968، فكانت أول شهيدة فلسطينية بعد نكسة 1967.

   وهنا يمكن ملاحظة، اختفاء الدور الفدائي للفلسطينيات بعد إتفاقية أوسلو. ويمكن رؤية هذا في ضوء الخلافات التي ثارت حول الاتفاقية وسيادة منطق المقاومة السلمية على حساب المقاومة المسلحة بين فصائل المقاومة الفلسطينة، بل والشعب الفلسطيني. كما يمكنا أيضًا استنتاج أن تبني منطق الكفاح المسلح بعد الاتفاقية، واعتباره الطريق لتحرير فلسطين، صار شبه مقتصر على فصائل قد تحول منظومتها الفكرية دون الانخراط المباشر البارز  للنساء  في الكفاح المسلح كمقاتلات. كما يمكنا أيضًا الإشارة في هذا الخصوص إلى تقلص دور الفلسطينيات في الاقتصاد الفلسطيني مع ارتفاع نسب البطالة بينهن وخاصة بين الشابات والأكثر تعليمًا، عكس ما يحدث على مستوى العالم، كما توصلت إلى ذلك بعض الدراسات، مثل تلك التي أجريت عام 2008 حول تحديات مشاركة المرأة الفلسطينية في سوق العمل. وبالطبع يمكن أن يترتب على هذا تهميش للنساء وتراجع تمكينهن ودورهن البارز في العمل العام. وهكذا يمكن أن تفسر كل هذه العوامل مجتمعة غياب أو قلة مشاركة النساء في العمليات الفدائية والكفاح المسلح.

في ظل ازدواجية المعايير: تخلي المنظمات الدولية عن نساء غزة

إزاء الجرائم التي ترقى إلى الإبادة الجماعية للفلسطينيين، والمعاناة الهائلة للفلسطينيات بخاصة، وارتفاع العدد الهائل من الشهيدات، ظهرت مؤشرات تغيير في الرأي العام الدولي. إذ بدا وجه الاحتلال الإسرائيلي العنصري واضحًا لقسم مهم من الشعوب في العالم. فخرجت المظاهرات الحاشدة المعبرة عن الغضب، والمطالبة بوقف الحرب.

وفي الوقت نفسه، برزت ازدواجية المعايير والتفاعل في المنظومة الدولية بأسرها، وبينها المنظمات النسائية التي تجاهلت المأساة التي تعيشها الغزاويات. فبينما صمتت تلك المنظمات لسنوات تعرضت فيها الفلسطينيات لشتى أشكال العنف والعنصرية الإسرائيلية، سارعت في رفع أصواتها عاليًا إستجابة للأكاذيب يطلقها الإسرائيليون، ويرددها خلفهم رؤساء الدول والحكومات وفي مقدمتهم الرئيس الامريكي. أكاذيب لا يمكن لعاقل تصديقها، على غرار إتهام المقاومين باستخدام اغتصاب إسرائيليات داخل المستوطنات في 7 أكتوبر ضمن أدوات الحرب، وقطع رؤوس الأطفال وغيرها من الأباطيل التي سرعان ما انكشف كذبها.

ومن المواقف الكاشفة عن تلك الازدواجية، صدور بيان المديرة التنفيذية لوكالة الأمم المتحدة، الأردنية سيما سامي بعد مائة يوم من المذبحة، تقول فيه “لقد مر أكثر من 100 يوم على أهوال هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر والأهوال التي تلتها، وخاصة في غزة، ….”.

ومن المدهش حقًا أن الأيام المئة التي يتحدث عنها ذاك البيان شهدت مذابح فظيعة متكررة قتل فيها العدوان الإسرائيلي الوحشي علي المدنيين الغزيين نحو تسعة آلاف امرأة، وأكثر من 11 ألف طفل، عدا ثمانية آلاف فلسطيني وفلسطينية فقدوا تحت ركام منازلهم.. وكان 70% منهم نساء وأطفال.

وفي مواجهة هذا، أصدرت المنظمات النسوية الفلسطينية بيانًا أدانت فيه موقف المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وطلبت منها “سحب بياناتها المذكورة أعلاه من التداول، ودعت بشكل واضح إلى وقف العدوان على قطاع غزة، ودخول المساعدات الإغاثية والطبية، والمبادرة إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، للتحقيق في جرائم وانتهاكات مرتكبة من جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المرأة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية. كما طالبت أيضًا بالتحقيق في الانتهاكات المرتكبة ضد المعتقلات الفلسطينيات”. وحملت تلك المؤسسات هيئة الأمم المتحدة للمرأة “مسؤولية غياب إرادة سياسية لإنصاف النساء الفلسطينيات وتحقيق العدالة لهن ضمن معايير أجندة المرأة للأمن والسلام. والأدهى ألا يتقصر الأمر على هذا، بل يذهب إلى تبني معايير مزدوجة بخصوص النساء في الحرب وتحت الاحتلال، والتماهي مع سردية قوى الاحتلال في بياناتها وخطابها.

ثم مع استمرار الجرائم الوحشية في غزة، وضرب الإسرائيليين بمطالب احترام القانون الدولي عرض الحائط، أطلق رؤساءاللجنة الدائمة المشتركة بين وكالات حقوق الإنسان”، وضمنها هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تحذيرًا في 21 فبراير 2024 من الخطر البالغ الذي يتعرض له المدنيين في غزة، ومعظمهم من النساء والأطفال. أدرجوا في بيان لهم عشرة مطالب، وفي نهايته طالبوا إسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي.

وهنا تبرز مشكلة أن كل تلك الوكالات والهيئات لا تملك سلطة تنفيذ ما تطالب به. إذ بني النظام الدولي على أساس وضع كل السلطات في مجلس الأمن، الذي بات تحكم الدول الاستعمارية جليًا به. وهكذا، استخدمت أمريكا حق الفيتو للمرة الثالثة ضد قرار لوقف إطلاق النار. ونفس الجدل يدور، وإن بفجاجة أقل، في محكمة العدل الدولية.

كل ذلك يعيدنا لنقطة البداية، وهي الارتباط الوثيق بين حقوق نساء فلسطين ومعاناتهن  مع قضية تحرير فلسطين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، آخر أشكال الاستعمار المباشر في العالم. ومن البداية، تضافرت مقاومتهن ونضالهن من أجل حقوقهن، بمواجهة الاستعمار الاستيطاني، ولا فكاك من ذلك. وهكذا أصبح كثيرون يعتقدون في أن حل القضية وحلول السلام لن يتأتى إلا بالقضاء على العنصرية
في دولة مدنية، تعطي لكل مواطنيها نفس الحقوق والواجبات، نساء ورجال، مسلمين ومسيحيين ويهود وغيرهم[2].[i]

[1] – الشبح: تقييد المعتقل علي مقعد، بحيث تكون قدميه ويديه مربوطتان معاً من الخلف، وفي بعض الأحيان، يسحب الكرسي، ويترك جسده يرتطم بالأرض الصلبة وهو على هذه الحالة.

[2] تنويه: لمزيد من الإطلاع، يمكن المرور على الشهادات الحية المتضمنة في الموضوعات التالية

  • شهادات مروعة عن تعذيب وحشي وتحرش بمعتقلي غزة لدى إسرائيل

https://www.ajnet.me/news/2024/2/5/%D8%AA%D8%B9%D8%B0%D9%8A%D8%A8-%D9%88%D8%AD%D8%B4%D9%8A-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D8%B4-%D8%A8%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%B2

https://www.ajnet.me/politics/2024/2/23/%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D9%88%D9%84-%D8%A5%D9%86-%D9%85%D8%B2%D8%A7%D8%B9%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA

  • لجنة اممية : مزاعم الاعتداءات الجنسية على الفلسطينيات ذات مصداقية

https://www.youm7.com/story/2023/12/29/%D9%85%D8%A7-%D8%B2%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1%D9%8B%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84-%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%A9/6430801

  • جيش الاحتلال في انتظار التحرك الدولي

https://www.elbalad.news/6115411

عداد الديون