حقوق العمال

مزاعم إصلاح نظام الكفالة فى دولة قطر

نشرت صحيفة إندبندنت مقالًا يصف الوضع في إحدى المناطق الصناعية المركزية في قطر . تبعد هذه المنطقة حوالي 20 كيلومترًا جنوب الدوحة، العاصمة الجذابة والحديثة، التي تقام بها مباريات مونديال 2022 في نوفمبر القادم.

وبعيدًا عن الأحياء الغنية بالعاصمة القطرية، يعيش أكثر من 800 ألف عامل آسيوي وأفريقي. ويعمل هؤلاء غالبًا عمال بناء وحراس أمن. ويعيشون في أماكن مزدحمة. لكنهم يشكلون مع ذلك العمود الفقري لاقتصاد البلاد المزدهر.

انتهاك منهجي لحقوق العمال

تحدثت صحيفة إندبندنت مع دومينيك، عامل الأمن الكيني الذي أصيب بكسر في الكاحل إثر تعرضه لحادث أثناء العمل. ورغم خضوعه لعدة عمليات جراحية، إلا أنه كان مطالبًا بالوقوف عدة ساعات في أداء الوظيفة نفسها التي كان يقوم بها قبل إصابته، في حين لا تقدم له شركته أي رعاية طبية. يقول: “طلبت من شركتي توفير وظيفة لي تتناسب مع حالتي البدنية الحالية، لكن لم يكن بها أى عمل متاح. كما رفضت الشركة دفع فواتيري الطبية بسبب تلك الإصابة، وتوقفت عن إرسال راتبي. ولا يزال لدي أربعة أشهر من إعادة التأهيل لابد من إكمالها”.

إصلاحات نظام الكفالة ليست كافية

في أغسطس  2020، قالت قطر إنها ألغت نظام “الكفالة”، الذي تعتمده نظامًا لإدارة العمالة الأجنبية بها، وتتعرض بسببه لانتقادات كثيرة. إذ يمنح هذا النظام لأصحاب العمل سيطرة هائلة على الموظفين، بما يجعلهم عرضة لنمط حديث من العبودية.

ولكنها أدخلت عليه إصلاحات تتضمن حداً أدنى لأجور العمال، ونظام تأمين الأجور الهادف إلى ضمان حصول العمال على رواتبهم، فضلًا عن قدر  أكبر من الحرية في تغيير الوظائف أو مغادرة البلاد. وفي حين أشادت منظمة العمل الدولية والاتحاد العالمي لكرة القدم “الفيفا” بالتغييرات، إلا أن ظروف عمل المهاجرين لم تتغير فى حقيقة الأمر.

يوسف وأحمد، عاملان من دولة  توجو. يعملان في قطر منذ سنوات، ولكنهما لم يقبضا راتبهما منذ ثلاثة أشهر. وبينما يعد تأخير دفع الأجور انتهاكًا لقوانين العمل القطرية، إلا إنه يستخدم غالبًا لممارسة السيطرة على العمال. وليس بوسع العمال تقديم شكاوى خوفا من الانتقام. وقال العاملان من توجو: “لم نستفد من هذه الإصلاحات المزعومة. فإذا تحدينا صاحب العمل، من خلال تقديم شكوى إلى وزارة العمل مثلًا، سوف يعيدنا إلى بلدنا”.

بلاغات مقدمة لوزارة العمل القطرية

في العام الماضي، أنشأت وزارة العمل القطرية منصة على الإنترنت، يمكن للعمال الإبلاغ عن الانتهاكات عبرها دون الكشف عن هويتهم. وفي العام الأول، قدمت 25 ألف شكوى. ومع ذلك، لا يستطيع العمال المهاجرون، إذا لم تكن لديهم مدخرات، تحمل ​​مدة الانتظار بدون عمل حتى المثول أمام المحكمة.

ومع ذلك، يرحب مكتب منظمة العمل الدولية في الدوحة بالتقدم الذي أحرزته دولة قطر في مجال حقوق العمال، حتى وإن كان  الوضع ما زال في حاجة لمزيد من الإصلاح. هذا ولم تستجب اللجنة العليا للمشاريع والإرث (Supreme Committee for Delivery and Legacy (SC)، وهي الهيئة الحكومية المكلفة بالإشراف على إنشاء البنية التحتية اللازمة لكأس العالم، إلى الطلبات المقدمة لإجراء مقابلات معها، أو لزيارة معسكرات العمال.

“الفيفا” مطالب بتعويض العمال المنتهكة حقوقهم

ونشر موقع فريدوم يونايتد فى مايو الماضى نقلا عن مقال في جريدة الجارديان البريطانية حول الموضوع نفسه، ما يشير إلى مطالبة “الفيفا”، المنظم لمونديال قطر، بدفع تعويضات للعمال المهاجرين العاملين في قطر، بسبب انتهاك حقوقهم أثناء الاستعداد لإقامة المدينة الرياضية المحتضنة للحدث الكبير فى نوفمبر المقبل.

فتحت عنوان “يجب على “الفيفا” تعويض العمال الذين كانوا وراء كأس العالم 2022″، أشار المقال إلى دعوة موجهة إلى “الفيفا” من منظمات دولية، وهي منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، وأنصار كرة القدم في أوروبا، والاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب، ومنظمات أخرى لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة، من أجل تنفيذ خطة تعويضات لمئات العمال المهاجرين الذين انتهكت حقوقهم الإنسانية في دولة قطر.

وفقًا لهذه المنظمات، يجب على “الفيفا” “تخصيص مبلغ لا يقل عن 440 مليون دولار (356 مليون جنيه إسترليني) من الجوائز المالية المقدمة للفرق المشاركة في كأس العالم، لغرض دعم التعويضات”.

في توصياتها بالنسبة لمبلغ التعويض، لاحظت المنظمات الإنسانية أن هذا المبلغ يعكس “حدًا” محتملاً لحجم الضرر الذي لحق بالعمال، ولكن يجب تحديد المبلغ النهائي المطلوب للتعويضات حسب حجم الحاجة، والأضرار التي يجب إصلاحها، وإجراءات إصلاح الضرر المقترحة، والتي يجب تحديدها من خلال عملية تشاركية خاضعة لتقييم مستقل.

العفو الدولية تخاطب “الفيفا” وقطر

كما نشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا بعنوان “يمكن التنبؤ به والوقاية منه: لماذا يجب على “الفيفا” وقطر معالجة الانتهاكات التي وقعت أثناء الاستعداد لكأس العالم 2022″. ويوثق التقرير ظروف عمل العمال المهاجرين في قطر، والانتهاكات العمالية التي سببتها استضافة البطولة في دولة قطر.

ويشير التقرير إلى أن “الفيفا” عندما منح أفضلية إقامة مباريات كأس العالم 2022 لدولة قطر عام 2010، كانت الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق العمال موثقة بشكل جيد. وكان “الفيفا” على علم، أو ينبغي له أن يكون كذلك، بأن أعمال البناء الضخمة والخدمات الأخرى المطلوبة لاستضافة البطولة ستقع على عاتق العمال المهاجرين ذوي الأجور المنخفضة المعرضين لخطر الاستغلال.

ورغم هذه التحذيرات، منح “الفيفا” لقطر أفضلية إقامة الحدث، الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات، دون فرض الشروط اللازمة لتعزيز حماية حقوق العمال. وأدركت قطر مسؤولياتها بعد فوات الأوان. وقدمت إجراءات لصالح عدد قليل للغاية من العمال. ويثبت هذا دقة التنبؤ بالانتهاكات التي تلت ذلك، وكان من الممكن الوقاية منها.

وفي رسالة مفتوحة مصاحبة لتقريرها، حثت منظمة العفو الدولية “جياني إنفانتينو”، رئيس “الفيفا”،  على العمل مع قطر لإنشاء برنامج علاجي شامل، بالإضافة إلى تقديم تعويضات عن جميع الانتهاكات العمالية المتعلقة باستضافة البطولة في قطر. كما يجب على “الفيفا” ضمان عدم تكرار الانتهاكات، سواء في قطر أو في البطولات المستقبلية.

“الفيفا” يرد

وردا على ذلك، صرح “الفيفا” بإنه “يقيـّم” المقترحات، وإنه وضع “خطة لم يسبق لها مثيل للعناية الواجبة” فيما يتعلق بحماية العمال. وابتكرت مع الحدث، بالتعاون مع اللجنة القطرية العليا المسؤولة عن البطولة، إجراءات الإنصاف اللازمة له.

موقف قطر

تهربت السلطات القطرية من اقتراح المنظمات، بينما زعمت وزارة العمل بها، أن “قطر فخورة بالإصلاحات التي أدخلتها”. وأن التقدم في إصلاحات العمل “لا يقبل الجدل”.

ووفق تقرير خاص نشرته صحيفة الجارديان في فبراير 2021، توفي أكثر من 6500 عامل مهاجر من الهند وباكستان ونيبال وبنغلاديش وسريلانكا بسبب ظروف العمل غير الآمنة منذ أن بدأت قطر في الاستعداد في عام  2010 لكأس العالم لكرة القدم 2022.