يهدف تقريرنا هذا إلى رسم صورة للأجور في مصر. وسوف نستعين في ذلك بالأرقام والإحصائيات الواردة في التعدادين الاقتصاديين 2013/2012، 2017/2016. واستخدمنا التعدادات وليس الإحصائيات السنوية. حيث تحتوي التعدادات على الإحصائيات والبيانات اللازمة لحساب حصة العمل من القيمة المضافة. كما تتوفر بها بيانات تمكننا من حساب إنتاجية العامل. وبناء على ذلك، يمكن توضيح العلاقة بين الأجور والإنتاجية، وإن غابت في كثير منها إحصائيات حول النوع الاجتماعي.
وكنا نرغب في رسم تلك الصورة لمدى أطول من خمسة سنوات، مستعينين بتعدادات أقدم، حيث أعد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تعدادات عن السنوات 1991|1992، و1996|1997. ولكن للأسف الشديد لا يتيح موقع الجهاز الإطلاع على مجلدات التعدادات في كل السنوات، حتى بالنسبة للمشتركين في منشوراته بمقابل مادي. إلى جانب هذا، لا تتمتع بعض المجلدات المتاحة بالفعل بصورة واضحة، مما يصعب التأكد من الأرقام الواردة فيها، والاطمئنان لاستعمالها في الحسابات.
تشمل تلك الصورة كيفية توزيع متوسط أنصبة العاملين من إجمالي التعويضات، بين القطاعات المختلفة طبقاً للملكية، وبين الأنشطة الاقتصادية المختلفة. كما توضح كذلك إنتاجية العامل في كل من تلك الأنشطة والقطاعات، وعلاقة الإنتاجية بأنصبة العاملين.
لعلنا لم نتفاجئ من استنتاج تأثير الإنتاجية على ما يتقاضاه العاملون. ومع هذا، يلفت انتباهنا أن التفاوت فيما يتقاضاه العاملون أضعاف التفاوت في الإنتاجية. هذا إلى جانب وجود بعض الأنشطة التي ترتفع فيها إنتاجية العاملين، ومع ذلك يكون نصيب العاملين بها من إجمالي التعويضات منخفضًا. بما يتناقض في هذه الحالة مع مبدأ ربط الإنتاجية بالأجور. ويشير لوجود أسباب أخرى للتفاوتات الكبيرة في الأجور، سواء بين الأنشطة وبعضها بعض داخل القطاعات، أو بين القطاعات المختلفة.
ويتضمن التقرير أيضًا توضيحًا لكيفية توزيع متوسط الأجور بين المهن المختلفة عام 2018/2017، داخل القطاعات المختلفة.
كما اهتممنا بالتعرف على مقدار حصة العمل في مصر من القيمة المضافة، ليس فقط على المستوى الكلي، ولكن أيضاً على مستوى القطاعات الثلاث (إجمالي- القطاع العام وقطاع الأعمال عام- القطاع الخاص) في تعداد 2013/2012. وسنضيف إليها القطاع غير الرسمي أيضًا، الذي تتوفر عنها بيانات في تعداد 2018/2017. كما سنحسب كذلك حصة العمل من القيمة المضافة للأنشطة الاقتصادية الثمانية عشر، طبقاً لتقسيم التعداد الاقتصادي. وسنحسب نسبة التغير في حصة العمل ما بين التعدادين، حيث يفصل بينهما أربع سنوات في القطاعين العام والخاص بالإضافة إلى إجمالي الجمهورية.
وكانت حصة العمل من إجمالي القيمة المضافة في تعداد 2013/2012، بالنسبة لإجمالي الجمهورية 0.2087، في حين كانت 0.2334 في تعداد 2018/2017. وعلى الرغم من الزيادة الطفيفة بها خلال الأربع سنوات، إلا أن حصة العمل في مصر تبلغ تقريباً نصف حصة العمل في بلدان مشابهة لنا مثل تونس والجزائر والفلبين. و أقل من نصف حصة العمل في كل من جنوب إفريقيا والبرازيل.
كما تشير الأرقام الواردة في هذا التقرير إلى أن العاملين بأجر في مصر فقدوا 28.4% من أجورهم الحقيقية ما بين التعدادين.
ومن النتائج التي توصلنا إليها أن القطاع العام أفضل القطاعات من حيث متوسطات الأجور، أو متوسط نصيب العامل من إجمالي التعويضات. حيث تمثل الأجور في القطاع العام 2.8 ضعف الأجور في القطاع الخاص، و4.3 ضعف الأجور في القطاع غير الرسمي في 2018/2017. كما كان متوسط إنتاجية العامل أعلى في القطاع العام، حيث مثل 2.6 ضعف متوسط إنتاجيته في القطاع الخاص، و 7.5 ضعف متوسط إنتاجية العامل في القطاع غير الرسمي. وكانت حصة العمل في القطاع العام أفضل من حصته في القطاع الخاص خلال التعدادين. وإن كانت حصة العمل في القطاع غير الرسمي أكبر من حصته في القطاعين العام والخاص، إلا أنها لا تعكس وضعًا أفضل بالنسبة لأجور ومستحقات العاملين به. وربما يظهر الاستغلال أقل، نظرًا لقيام أصحاب العمل أنفسهم بدور العمال (ربما بمفردهم، أو مع عدد قليل من العاملين).
تؤكد النتائج أن التفاوت في متوسط نصيب العامل من إجمالى التعويضات ما بين القطاعات أقل كثيراً من التفاوت بين الأنشطة المختلفة داخل كل قطاع. على سبيل المثال في القطاع العام وقطاع الأعمال، متوسط مستحقات العاملين في الوساطة المالية 2012/2013 أكثر من 28 ضعف متوسط مستحقات العاملين بنشاط الفنون والإبداع والتسلية، و ستة أضعاف مستحقات العاملين بالصحة عمومًا، و 19 ضعف العاملين بالصحة في القطاع الخاص.
وفي 2017/2018، تقاضى العاملون بالتعدين واستغلال المحاجر حوالي 8 أضعاف ما تقاضاه العاملون بالفنون، و 3 أضعاف العاملين بالصحة بالقطاع العام. ويتقاضى العاملون بنشاط التعدين في القطاع الخاص حوالي 12 ضعف العاملين بالصحة.
وبالنسبة للتفاوتات عبر القطاعات والأنشطة معاً، ظهرا أن العاملين بالوساطة المالية في القطاع الخاص يتقاضون أعلى المتوسطات، بقيمة 57 ضعف مقارنة بما يتقاضاه العاملون بالفنون بالقطاع العام (الذين يحصلون على أقل المتوسطات على الإطلاق) وفي 2013/2012، و 2018/2017، كان العاملون بمحاجر القطاع الخاص الأعلى، والعاملون بالصحة من القطاع غير الرسمي الأقل، حيث تقاضى العاملون بالنشاط الأول 24 ضعف العاملين بالنشاط الثانى.
وينقسم التقرير إلى ثلاثة أجزاء؛ (المنهجية- التحليل- الخاتمة والتوصيات)، فضلًا عن المقدمة والمراجع..
ثم يرفق بالتقرير الجداول والرسوم البيانية.
وفيما يلي سوف نبدأ بالمنهجية المتبعة في حساب حصة العمل من القيمة المضافة، وكذلك طريقة حساب التغير في تلك الحصة، والمعادلات المستخدمة لحساب معدل
التغير في الأجر الحقيقي بين التعدادين.