المقدمة
منذ قرن تقريبًا، تحاول الدولة المصرية محو أمية المصريين. ولكن، تقف عوائق وعقبات كثيرة أمام ذلك. وإلى جانب هذا، ظل مفهوم الأمية عند الدولة متجمدًا عند الأمية الأبجدية، رغم تعدد واختلاف مفهوم الأمية في عصرنا الحديث؛ ومنها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والصحي والقانوني والثقافي وغير ذلك. ولذلك نحتاج إلى اعادة تعريف الأمية من جديد، وفقًا لما يتناسب مع هذا العصر، وتطور استخدام التكنولوجيا في محو أمية الأفراد.
وعلى مدار السنوات السابقة، صدرت عدة قوانين في أزمنة مختلفة، تنص على محو الأمية وتعليم الكبار. وبموجبها جميعًا، تعتبر مهمة محو الأمية قضية وطنية وقومية، حيث لابد من القضاء عليها لتقدم البلد ورفع مستوى الأفراد ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.. إلخ. وبرغم هذا، ظلت الأمية متفشية ومنتشرة في أنحاء مصر. وقد يرجع ذلك إلى عدة أسباب منها؛ غياب التعاون بين المؤسسات العاملة في مجال تعليم الكبار، ومحدودية الموارد المالية والإمكانات المعتمدة للمؤسسات الرسمية، التي يعيبها بعدها كل البعد عن مسار حياة الأميين واحتياجاتهم العملية. وإلى جانب هذا، تعاني مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في محو الأمية من ضعف تمويل، الأمر الذي تفاقم بمرور الوقت بسبب القوانين المنظمة لعمل المنظمات. ويضاف ايضًا، عدم مناسبة المناهج لاحتياجات الأفراد، وضرورة تغييرها لتتناسب معهم، حتى نضمن عدم رجوعهم مرة أخرى إلى الأمية. ولذلك يجب النظر في مراجعة استراتيجية محو الأمية مرة أخرى بشكل شامل.
وهناك علاقة أيضًا بين الفقر والأمية، فأغلب الأميين من الفقراء. وإذا نظرنا إلى خريطة الأمية في مصر، نراها منتشرة في المحافظات التي ترتفع بها مستويات الفقر. وكما نجدها أيضًا في المحافظات التي تعاني من نقص الخدمات والمستلزمات التعليمية؛ مثل كثافات الفصول العالية، وارتفاع نسب التسرب، وبٌعد المدارس عن الطلاب. بل حتى لا توجد مدارس على الإطلاق في بعض القرى الفقيرة. كما يتضح أيضًا أنه مع ارتفاع الحالة التعليمية لرب الأسرة يزداد إنفاقها على التعليم والاهتمام به.
لكن ما هي أكثر الفئات المتضررة من الأمية؟ وحسب البيانات المنشورة للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أغلب الذين يعانون من الأمية نساء، بنسبة حوالي 31.2% منهن، في الشريحة العمرية 15 فأكثر.
وتحاول الورقة تقديم تعريفات الأمية بشقها الأبجدي والرقمي، حيث أصبح تعريف الأمية الآن أوسع من عدم تمكن الفرد من القراءة والكتابة فقط. كما نستعرض تاريخ محو الأمية في مصر، وكيفية تعامل الدولة معها. ثم نستطرد إلى البعد نوع الاجتماعي، والتعرف على البنية التحتية للتكنولوجيا في مصر، وكم تبلغ نسب المصريين الذين يستعملون الانترنت. ثم نتتبع صرف الأسرة المصرية على التعليم، ومدى تأثير الحالة التعليمية لرب الأسرة على هذا الصرف. ونشير إلى علاقة التنمية بالفقر والأمية والتسرب من التعليم.
ولقراءة التقرير