العدالة الاقتصادية

تقرير | بين الاستثمار العقاري والاستثمار الاخضر

مقدمة

في مطلع 2020، توقع رؤساء شركات الاستثمار العقاري أن هذا العام سيكون “عام استقرار السوق العقاري”. كما توقعوا أيضا زيادة طفيفة في الأسعار تتراوح بين 5% إلى 10%. وكان ذلك بناء على استقرار أسعار مدخلات البناء، وتراجع سعر الدولار خلال الأشهر الأخيرة من 2019.

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث أظهرت بيانات التحليل المالي لغالبية شركات القطاع العقاري تراجعًا في الأرباح خلال الربع الأول من 2020 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وأوضح المتخصصون في القطاع العقاري، أن تراجع المبيعات بنسب تتراوح بين 40% إلى 50% كان بسبب جائحة فيروس كوفد-19، وخوف المستهلكين من تداعيات الأزمة، ومن عدم استطاعتهم الوفاء بالتزاماتهم

 وكان خبراء ومحللو سوق المال يتوقعون أن تسجل شركات القطاع العقاري تراجع في المبيعات، يتراوح بين 20% إلى 25%. وقد تراجع مؤشر قطاع العقارات في البورصة خلال التسعة شهور الأولى من 2020، بنسبة بلغت 12.8% ليسجل أدنى مستوى بنهاية 2019.

على جانب آخر، أكد رئيس القطاع التجاري بشركة التعمير العربية للتنمية والاستثمار العقاري، على أن تخفيف الحكومة للإجراءات الاحترازية بسبب فيروس كوفد-19، أدى إلى تحسن المبيعات بنحو 30%، مقارنة بالربع الرابع من 2019. كما أشار رئيس مجلس إدارة شركة ريماكس المهاجر، إلى أن تعليق الحكومة للإجراءات الاحترازية قد يزيد نسبة التحسن في المبيعات إلى 70%-75% حتى نهاية العام.

وأدى تأثير كورونا في سوق العقارات إلى إجبار البنك المركزي على تعديل أسعار الفائدة بالنسبة لمبادرة التمويل العقاري لمتوسطي الدخل، لتصبح 8% بدلًا 10%. كما أنها سرت أيضًا على العملاء الذين سبق لهم الاستفادة من المبادرة. هذا بالإضافة إلى تخفيض سعر الفائدة على عمليات الإيداع والإقراض لمرتين خلال شهرين فقط، بنسبة 0.5% .

ومع نهاية 2020، تصدر قطاع العقارات الترتيب بين كل القطاعات المتداولة في البورصة المصرية، حيث سجل حجم تداول بقيمة 1.9 مليار جنيه.

وفي منتصف الربع الثالث من 2021، أطلق البنك المركزي مبادرة جديدة للتمويل العقاري لصالح محدودي ومتوسطي الدخل، عن طريق فائدة لا تتعدى نسبة 3%، وقروض طويلة الأجل قد تصل إلى 30 عام.

ربما يرى البعض أن مبادرة التمويل العقاري لإسكان محدودي الدخل جيدة، لكنها في الحقيقة لا تستهدف الفئات المعنية بها بكفاءة. حيث كان الحد الأدنى لأجور القطاع الحكومي في آخر زيادة له 2400 جنيه، فكيف يمكن لفرد أعزب أن يدفع قيمة مقدم 10% من قيمة الوحدة السكنية! 

وعقب إعلان الحكومة في منتصف مارس 2020 حظر التجول في جميع أنحاء الجمهورية، ارتفعت نسبة البطالة في الثلاثة أشهر التالية حتى وصلت إلى 9.6%. وذلك علما بأنها كانت تبلغ 7.7% في الثلاثة أشهر السابقة، و7.5% في نفس الفترة العام السابق. ثم تراجعت النسبة خلال الربعين التاليين من نفس العام، حتى وصلت إلى 7.3% و7.2% على الترتيب، بسبب تقليل الحكومة لساعات حظر التجول التي كانت مفروضة. ورغم إصدار الحكومة قرارًا بوقف جميع أعمال البناء لمدة 6 أشهر، إلا أن القرار استثنى المنشآت الصناعية والسياحية والحكومية والمشروعات القومية. وقد أثر بالسلب على العمالة غير المنتظمة واليومية. ومن المرجح امتداد هذا التأثير إلى كل العاملين في مجال البناء.

وتدل زيادة اهتمام الحكومة بالقطاع العقاري بشكل خاص في مصر على إدراكها لمحوريته وأهميته للاقتصاد المصري. وذلك لعدة أسباب، أهمها أزمة السكن، وفقاعة الأسعار العقارية الناتجة عنها. وفي ذاك الإطار تأتي مبادرات التمويل العقاري المتعددة الهادفة لتخفيف الأزمة ودعم القطاع، دون أي محاولة جدية لإنهاء فقاعة الأسعار العقارية التي تسببت في الأزمة أصلًا. 

وبعملية حسابية بسيطة، يتضح هزال المبادرة وهزليتها. إذ يجب أن يكون الحد الأقصى لدخل الفرد 4500 جنيه شهرياً ليكون مؤهلًا للتمويل، في حين تصل أقل الوحدات سعراً  إلى 350 ألف جنيه. إذًا سيكون متوقعًا من الفقراء ومحدودي الدخل تخليهم عن مالايقل عن 20% من دخلهم الشهري في هيئة أقساط. 

لتحميل التقرير 

ولقراءة التقرير