القول الشائع إن 97% من موارد المياه العذبة فى مصر مصدرها نهر النيل هو قول غير دقيق بعض الشىء، ذلك أن نهر النيل يشكل نحو 99.5% من موارد المياه العذبة السطحية والجوفية فى مصر، فالمياه الجوفية فى وادى النيل والدلتا، وهى المياه الجوفية الأساسية فى مصر، مصدرها التسرب النيلى. ومن هنا تأتى خطورة السد الإثيوبى والسدود الأخرى المزمع إقامتها على النيل الأزرق ما لم يكن هناك اتفاق ملزم بعدم إنقاص حصة مصر من مياه النيل، وهو ما تتهرب منه إثيوبيا إبان الأعوام العشرة من المفاوضات العبثية العجيبة التى يراها العالم كله. ولقد بدأت قصة السد الإثيوبى منذ فترة طويلة، منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين، ففى عام 1957 وافق المكتب الأمريكى لاستصلاح الأراضى على تنفيذ دراسة مفصلة لصالح الحكومة الإثيوبية، وانتهت هذه الدراسة فى عام 1963، ونُشرت نتائجها فى سبعة عشر مجلدًا من القطع الكبير. ويقول جون بولوك وعادل درويش- فى كتابهما بعنوان: «حروب المياه.. الصراعات القادمة فى الشرق الأوسط»، الصادر فى عام 1993، والذى قام المركز القومى للترجمة فى مصر بترجمته إلى اللغة العربية فى عام 1998، (وهو متاح حاليًا مجانًا على النت): «.. وقد اتخذت دراسة مكتب استصلاح الأراضى الأمريكى هذه كتحذير متخفٍّ وتذكير لمصر بإمكانية تعرضها للضغط من خلال إنقاص حصتها من مياه النيل، ولقد ولجت إسرائيل فى هذه القضية تحت غطاء مساعدة إثيوبيا على التنمية بإمدادها بالمال والخبرة بمقابل، وكان هذا المقابل الذى طلبته إسرائيل هو أولًا السماح للفلاشا (يهود إثيوبيا) بالهجرة إلى إسرائيل، وثانيًا أن تأخذ إثيوبيا بمشورة إسرائيل فى الوقت والمكان والكيفية التى تنشئ بها سدودها على النيل الأزرق، وأما الشىء الذى لم تعلنه إسرائيل لإثيوبيا صراحة هو أنه من خلال مساعدتها لها على التنمية، فإنها تنتهز الفرصة لممارسة الضغط على مصر والسودان..». انتهى الاقتباس من كتاب جون بولوك وعادل درويش. وواضح أنه ليس مصادفة أن يتم وضع حجر الأساس للسد الإثيوبى خلال الفترة التى شهدت فيها مصر اضطرابات سياسية من عام 2011 حتى عام 2014